السبت، 16 مارس 2013

الحوار الأسري سبيل الأم إلىإنجاح علاقتها بطفلها

الحوار الأسري سبيل الأم إلىإنجاح علاقتها بطفلها

الأم والطـفــل
حسناء زوان
ينمو الطفل وتتطور لديه المهارات والقدرات العقلية وكذلك السلوكية، ويتفاعل مع الأسرة أولا، ثم مع المجتمع والمدرسة إلى أن يصيرَ بالغا وقد تكونت لديه القدرة على التعامل مع متطلبات الحياة..
لكنْ، هل ينعم كلّ
الأطفال، فعلا، بالعيش في ظل أسر قادرة على التعامل مع متطلباتهم في مختلف مراحلهم العمرية وتراعي تطورهم العقلي والعاطفي واللغوي والإدراكي والسلوكي باعتماد الحوار والمناقشة أسلوبا أمثلَ لتنمية الشخصية السليمة للطفل؟..
سؤال كبير تتداخل فيه كثير من العوامل، يفسرها لنا إبراهيم عبد الحليم، أخصائي الأمراض النفسية.
من البديهي أنّ الحوار يقوم على وجود طرفين متكافئين، وليس «آمر ومأمور»، لذا ينبغي على جميع أطراف الحوار الأسري أن تقتنع بأنْ لا أحد يمتلك الحقيقة المطلقة، وبأنّ جلسات الحوار الأسَرية ينبغي أن تقوم على إمكانية الأخذ برأي الطفل أو الأم أو الأب متى كانت وجيهة ومقنعة، دونما إغفال لبقية العناصر الأخرى المؤثرة في عملية الحوار، وأهمها (قناة الحوار، مباشِرة أو غير مباشرة  -فضاء الحوار، المنزل، المطعم -طريقة إدارة الحوار، الإنصات، تبادل الأدوار)..
فلكل هذه العناصر المؤثثة للحوار الأسَري دور كبير في نجاحه أو فشله، ومن ثم لا يمكن إغفالها أثناء الاستعداد لجلسات الحوار الأسَرية، التي تعتبر اللب الأساسي لبناء المجتمع الديمقراطي الحداثي المنشود، فالأب والأم مطالبان بمحاورة الأبناء في كل القضايا الأسرية (نفقات، دراسة، رحلات وأسفار).. بهدف تأهيل الأبناء لتحمّل المسؤولية في كبرهم، لكنْ ما هي أهمّ المبادئ النفسية والتربوية التي ينبغي مراعاتها أثناء تنمية شخصية الطفل من خلال الحوار؟
 يمكننا بإيجاز شديد حصرها في ضرورة معرفة ووعي الأب أو الأم، المنشّطـَين لجلسات الحوار بما يلي:
-نظرية الذكاءات المتعددة، التي تقول إنّ ذكاء الطفل قد يكون رياضيا أو عمليا أو فنيا، وكلما اكتشفنا نوعيته من خلال الحوار وعملنا على تنميته وتطويره ساهمنا في وقت مبكر في توجيهه الوجهة الصحيحة المنشودة؛
-نظرية علم الأخطاء، تـَعتبر هذه النظرية الأخطاءَ مؤشّرات هامّة على حصول التعلم والتطور، فكل ما يفعله الطفل يقوم على المحاولة والخطأ.. ويمكن للأسرة، من خلال محاورتها أبناءَها، التعرف على الصعوبات والعمل على معالجتها باختيار أنجع السبل لتجاوز المعوقات والصعوبات التي تحُول دون تحقيق النجاح؛
-نظرية حل المشاكل، وتتجلى في وضع الأسرة الأبناءَ في وضعية «مُشْكلة» وحثهم على اقتراح الحلول المناسبة لحلها.. ومن خلال جلسات الحوار التي تناقش الحلول المقدَّمة وتـُقومها يمتلك الطفل آليات وإستراتيجيات جديدة لمواجهة مشكلات
 الحياة..
وهناك فوارق أخرى لا تخلو من أهمية، وهي الفوارق السوسيولوجية والسيكولوجية، ذلك أنّ للقيم والتنشئة الاجتماعية ورتبة الطفل داخل الأسرة تأثيرا كبيرا في تكوين شخصية الأطفال وإرادتهم واهتمامهم وإبداعهم وتوازنهم وإيقاعات عملهم وميلهم نحو الاندماج أو الانعزال، لذا على مُسيّر جلسات الحوار -أباً كان أو أمّا أو ابنا- أن يعمل على محاورة كل فرد من أفراد الأسرة، تبعا لمؤهّلاته وسنه وتمثلاته الخاصة عن ذاته وعن أبويه وإخوته. كما يعمل على تنويع طرائق الحوار وإيقاعاته الزمنية بهدف ضمان نجاحه، أي أنّ الحوار الأسري ينبغي أن يهتمَّ بحاجات وإمكانيات وقدرات كل فرد مشارك في الحوار، ذلك أنّ طفلا ما يكون بصريا والآخر سمعيا والثالث حسيا.. وإذا لم نراعِ في محاوراتنا الأسرية آليات التلقي والاستقبال لدى الأطفال ونستحضرها فإنّ نتائج هذا الحوار ستكون غير مضمونة..
وخلاصة القول إنّ الحوار الأسَري أساسيّ لضمان تلاحُم وتماسك أفراد الأسرة، من جهة، ولتحقيق التنمية المعرفية والوجدانية والمهارية لشخصية الطفل، من جهة أخرى.. وبسيادة الحوار في وسطنا الأسري وفي مؤسساتنا التربوية وممارساتنا اليومية يمكننا أن نصل إلى ذلك المجتمع الديمقراطي الحداثي المنشود.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق